الأربعاء، 10 فبراير 2016

دهاء الملك والعجوز



كان في أحد الأزمان السالفة ملكاً و وزيره يتجولان في المملكة ، و عندما وصلا إلى أحد العجزة في الطريق دار الحديث التالي بين الملك و الرجل العجوز:
الملك: السلام عليكم يا أبي.
العجوز: و عليكم كما ذكرتم و رحمة الله و بركاته.
الملك: و كيف حال الإثنين؟
العجوز: لقد أصبحوا ثلاثة.
الملك: و كيف حال القوي؟
العجوز: لقد أصبح ضعيفاً.
الملك: و كيف حال البعيد؟
العجوز: لقد أصبح قريباً.
الملك: لا تبع رخيصاً.
العجوز: لا توص حريصاً.
كل هذا المشهد دار و الوزير واقفٌ لا يفقه شيئاً منه، بل و قد أصابته الدهشة و الريبة و الصدمة.

ثم مضى الملك و وزيره في جولتهم؛ و عندما عاد الملك إلى قصره سارع الوزير إلى بيت الرجل العجوز ليستفسر عن الذي حدث أمامه في ذلك النهار.

وصل إلى بيت العجوز و مباشرة إستفسره عن الموضوع، و لكن العجوز طلب مبلغا من المال فأعطاه الوزير ألف درهم،


فقال له العجوز : فأما الإثنين فهما الرجلين و أصبحوا ثلاثة مع العصا.

و في السؤال الثاني طلب العجوز ضعفي المبلغ الأول فأعطاه ألفين

فقال: فأما القوي فهو السمع و قد أصبح ضعيفاً،

ثم طلب ضعفي المبلغ الذي قبله فأعطاه الوزير أربعة آلاف فقال: فأما البعيد فهو النظر و قد أصبح نظري قريباً.

و عندما سأله الوزير عن السؤال الأخير امتنع العجوز عن الإجابة حتى أعطاه الوزير مائة ألف درهم

فقال: إن الملك كان يعلم منك أنك ستأتي إلي لتستفسرني عن الذي حدث و أني سأشرح لك و أوصاني بأن لا أعطيك مفاتيح الكلام إلا بعد أن أحصل على كل ما أريد و ها قد حصلت، ثم مضى الوزير و هو مبهور بما حصل معه في ذاك النهار.

رَجَعَ بخُفّي حُنَينْ

" كان حنين حَذّاء فجاءه أعرابي ذات يوم ليشتري منه خُفّين. لم يقبل الأعرابي السعر الذي طلبه حنين ثمناً للخفين، وظلّ يساومه لينقص السعر حتى تضايق حنين منه. وبعد نقاش طويل انصرف الأعرابي من غير أن يشتري الخفين. فغضب حنين، وأراد أن يغيظه، وفكر له في خدعة يخدعه بها.
ركب الأعرابي جمله ليعود إلى قبيلته، فأسرع حنين إلى الطريق الذي سيسلكه الأعرابي فوضع أحد الخفين في وسط الطريق، وسار مسافة ثم ألقى الخفّ الآخر في مكان أبعد قليلاً.
مر الأعرابي بمكان الخفّ الأول، فأمسك بالخفّ ونظر إليه متعجباً وقال: ((ما أشبه الخف بخف حنين الإسكافي! ماذا يفيد هذا الخف وحده ؟! لو كان معه الخف الآخر لأخذتهما)). ترك الأعرابي الخف، وتابع طريقه حتى وصل إلى الخف الثاني! فنزل من فوق الجمل وأمسك الخف الثاني، وقلّبه في يده وقال:
يا للعجب! هذا الخف أيضاً يشبه خُفَّ حنين تماما، يا لسوء الحظ ! لماذا تركت الخف الأول لو أخذته معي، لنفع الخفان. ينبغي أن أرجع فوراً وأُحضر الخُفَّ الأول وكان حُنين يراقب الأعرابي من خلف تلّ قريب لينظر ماذا سيفعل. فلما رآه قد مشى ليحضر الخف الأول أسرع وساق جمله بما عليه من بضاعة واختفى.
رجع الأعرابي يحمل الخف الأول، فوجد الخف الثاني على الأرض ولم يجد جمله. حمل الخفين ورجع إلى قبيلته.
تعجب القوم عندما رأوا صاحبهم يرجع إليهم ماشياً على رجليه وليس راكباً على جمله فسألوه: ((بماذا جئت من سفرك))
فأجابهم: ((جئت بخفي حُنين)) وأراهم الخفين. فسخر القوم منه بعد أن دخلوا يرددون: ((رجع بخُفّي حُنين)).
وهكذا بقيت العرب تضرب هذا المثل لمن يعود إلى أهله خائباً، خالي اليدين وقد أضاع جهده وماله.